حكم صوم يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

حكم صوم يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فإنه قد سألني الكثير من إخواننا بسبب التحرج من صوم يوم عرفه لموافقته السبت ، وذلك لما ورد من النهي عن صوم السبت إلا فيما افترض علينا .
وممن سألني الأخ راشد بن حمد من الإمارات وهويذكر كثرة الإستشكال المشار اليه ، ويطلب نشر الإجابه على الانترنت لتعم بها الفائدة فأقول :
إنه قد ورد النهي عن صوم السبت فيما رواه أصحاب السنن الأربع والإمام أحمد في مسندة من حديث عبدالله بن بسر ، ولفظه : (( لاتصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم .... الحديث .
ولكن كثيراً من الأئمة والحفاظ على عدم ثبوته ، ومنهم الأوزاعي ، ويحيى بن سعيد القطان .
وقال الإمام مالك : هذا كذب وضعفه الإمام أحمد ، وقال النسائي : مضطرب ، وهو تضعيف له بالاضطراب .
ويرى الشيخ : عبدالعزيز بن باز : ضعفه وشذوذه ، وضعفه الشيخ : محمد بن صالح بن عثيمين ، وضعفته اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية . ومن أهل العلم من يرى أنه حسن مثل أبي دواد ، والترمذي ، ولكن أباداود قال عنه : منسوخ . ويرى الألباني الاحتجاج به ، وبناءً عليه يرى منع صيام السبت مطلقاً .
وعلى القول بتحسينه من حيث السند ـ مع أن ذلك مخالف لرأي أكثر أهل العلم ـ فإنه شاذ ومنكر من حيث المتن : فإنه يدل على منع صيام السبت ولوكان قبله يوم أوبعده ، إلا في الفرض لقوله صلى الله عليه وسلم (( إلا فيما افترض عليكم )) والأدله الدالة على جواز صومه كثيرة ، منها ماجاء في الصحيحين : (( أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً )) ، واليقين حاصل بهذا الحديث أن الصوم يوافق يوم السبت وفي صحيح مسلم : من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر )) والغالب في هذه الست أن أحدها يوافق يوم السبت ، وتأخير البيان عن وقت الحاجه لايجوز .
وكذا ماثبت من صيام يوم عاشوراء ، والأيام البيض ، وعشر ذي الحجة وشعبان إلا قليلاً .
ومنها ما أخرجه الشيخان عن جويرية أنها صامت يوم الجمعة فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي صائمة فقال لها : أصمت أمس ؟ قالت : لا ! قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ! قال : إذاً أفطري ، وهو نص صريح في جواز صيام يوم السبت في غير الفرض .
فالمروي في النهي شاذ غير محفوظ من جهة السند ، ومنكر من جهة المتن وعلى فرض ثبوته فلايعارض ماثبت فضل صيامه إذا وافقه ، وأكثر أهل العلم على عدم كراهة ذلك وإنما النهي فيما إذا إفرد بلاموافقة ، أما مع الموافقة فلاحرج في الصيام وقد أفتت به اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء ، وقد فصّل في هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم . فليراجع ذلك في \" اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم \" ، وزاد المعاد في هدي خير العباد .
والله أعلم وصلى الله على عبده ورسوله محمد خير المرسلين والله أسأل أن يتقبل منا ومن إخواننا صالح الأعمال آمين .

وكتبه فالح بن نافع بن فلاح الحربي
مكة المكرمة في
7 / 12 / 1424هـ




بتاريخ: 2004/09/26